يقول الله تعالى في سورة الأنفال: يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم و اعلموا أن الله يحول بين المرئ و قلبه و أنه إليه تحشرون. لو تأملنا في هذه الآية لوجدنا فيها ثلاث جمل مستقلة، ففي الجملة الأولى يأمر الله المؤمنين بالإستجابة لله و للرسول و يبين أن ما يدعوانهم إليه سبب للحياة، و في الجملة الثانية يخبر الله أنه يحول بين المرئ و قلبه فهو سبحانه في الحقيقة هو المتحكم في هذا القلب فكأنه حائل أو حاجز بين الإنسان و بين التحكم الكامل الحر بقلبه، و في الجملة الأخيرة يوضح الأمر في حقيقة النهاية و المآل و هي الحشر لله بعد الممات. إن لنا أن نفكر في العلاقة بين هذه الجمل الثلاثة و لماذا وضعت هكذا في ترتيب الآية؟ و بشيء من النظر فإن الأولى تأمر بالعمل للحياة، و الثانية تخبر عن مضخة الحياة و هي القلب، و الثالثة تلفت النظر لنهاية الحياة و ما بعدها و هو الحشر. إن الله أعطانا مصدر للسعادة في الدنيا و هي اتباع أوامر الله و رسوله، و لكن مع هذا الإتباع علينا أن نهتم بسلامة قلوبنا و ذلك بطلب ذلك منه لأنه المتحكم الحقيقي فيها، و كذلك بتطهيرها من أمراض الشك التي لا يحبها الله، فإذا ما ماتت بعد ذلك و ذهبت للحشر فإنها تعود إليه سبحانه، فكيف ستكون و قد عاشت بفضله و أمره إلا يوم ذلك الحشر من الفائزين المنعمين....