يقول الله تعالى في سورة الأعراف: و الذين آمنوا و عملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون. تأتي هذه الآية بعد وصف حال شديدة يتعرض لها الذين كذبوا بآيات الله و استكبروا عنها، فلآيات التي قبلها تستعرض أحداث و حوارات تدور بين الأولين من المكذبين و الآخرين و تنفي عنهم تماما احتمالية أن تفتح لهم أبواب السماء أو دخول الجنة، فهي آية تضع كل تلك المواقف العصيبة جانبا و تنقل المستمع إلى حال أخرى بسيطة سهلة تبين بساطة و ليونة القلوب التي لأصحابها، فالله لم يكلفهم ما لا يطيقون و أعطاهم الخلود في دار الكرامة مع قلة ما افترضه عليهم، و الذي هو في حقيقته ضمان لسعادة حياتهم الدنيا و فوزهم في الآخرة. إن الله سبحانه يوضح لعباده المؤمنين أمرا مهما هو أنه مهما طال الزمان أو اختلف فالحقيقة تبقى أن تطبيق الشريعة و العمل بأوامر الله و رسوله هي الشيء السهل و المريح و الذي تقبله النفس و تحبه، و التعقيد إنما يكون في التكذيب المقترن بالكبر كما وصفت الآيات السابقة. من الممكن أن نرى الغافلين في شهوات الدنيا و أنهم في ضيق هو في أتم البعد عما عليه المؤمنون الذين ينظرون في كل حين إلى نعيم الآخرة و ما أعده الله لهم و كيف يصلون لذلك، إن ربهم ينظر إليهم و ينزل عليهم رحمته و سكينته، و يملأ قلوبهم بالصفاء الذي لا يوجد أبدا في القلوب المريضة المليئة بالحقد و الحسد، و لهذا قال الله بعدها عنهم: و نزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار، فكانت سلامة القلوب و نقاؤها و الحياة السهلة الجميلة صفات أصيلة في أولئك السعداء في الدنيا و الآخرة...