الوقت ضيق جدًا .. إذا أقلعت الباخرة، فلن يوقفها بطيء .. وسيجد نفسه وحيدًا في عرض البحر، والبحر خطر والوحدة قاتلة.
حين تجلس في خلوتك أُخيَّ، وتقرر ذنوبك وعيوبك، لا تتوقف عند هذا الحد! .. فالاعتراف وحده لا يصنع شيئًا ..
إنما عرفت واعترفت، فيجب عليك أن تبدأ في العلاج والإصلاح ..
أين عملك لله بعد الاعتراف بالتقصير؟!
فالعمل بعد الاعتراف بمثابة الدواء التكميلي للعملية الجراحية .. يقول تعالى {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} [مريم: 60]
فكما أن بعض الأمراض العضوية يتم علاجها بمجرد تناول الأدوية، هناك أمراض أخرى تحتاج إلى جلسات تكميلية؛ لأن الأمراض ليست سواءً ..
وكذلك أمراض الروح وأمراض القلوب والنفوس، قد يحتاج الأمر إلى قرار بالتوبة وانتهت القضية .. وقد يحتاج المرض أو العيب إلى علاج ومداومة سنين طويلة .. فكل آفة ومرض له علاج مختلف عن غيره.
وليس هناك علاج جاهز يصلح لجميع الأشخاص في جميع الأحوال، ولكن هناك تركيبة خاصة لكل حالة .. فالأمر يخضع للتجارب، جرِّب هذا العلاج وادخل على الله بيقين، وإن لم يُثمِر معك فخذ علاجًا آخر، وثالثًا ورابعًا، إن لم ينفعك فلن يضرك، وكن على يقين أن علاجًا ما فيه سر شفائك.
لكن لا تتعجَّل .. بل اصبر وسيؤتي العلاج ثمرته بإذن الله ..
يقول الله عزَّ وجلَّ {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]
وَرَسُولِ اللَّهِ يقول "لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ، بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" [صحيح مسلم]
وأوَّل هذه العلاجـات: أن تبدأ فورًا بالبحث عن المُربِّي ..
ولا تنخدع وتبحث عن شيخ من المشهورين لتربيتك، فهؤلاء قد ابتلوا ببلاء الشهرة وأتاهم ما يشغلهم، نسأل الله أن يعفو عنا وعن الجميع.
وإنما ابحث عن الشيخ الذي بجوار بيتك، الذي يراك يوميًا في صلواتك الخمس، ويعيش معك في نفس البيئة والظروف .. هذا الذي يستطيع أن يتابعك ويساعدك، وإن لم يكن شيخًا مشهورًا أو خطيبًا مُفَوَّهًا.
وكذلك الأخت تبحث عن أخت قد سبقتها في الطريق إلى الله وقطعت منه خطوات، لديها خبرة في الحيــاة والعلم بالدين .. وهذا يكفيك.
وتقومان بالاستعانة بكلام العلماء الكبــار والمشايخ الذين لهم تخصص في هذا الأمر، من خلال كتبهم ومحاضراتهم .. تتناقشان فيها وتأخذ علاجك، ويتابعك عليه.