قال الله تعالى في سورة الحشر: و الذين تبوؤا الدار و الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة و من يوق شح نفسه فؤلئك هم المفلحون. فتح الله على رسول الله يوم النضير من الغنائم فسأل الأنصار إن شاؤوا اقتسموا مع المهاجرين ديارهم و أموالهم و قسم لهم من الغنائم و إن شاؤوا تركوا لهم الغنائم و احتفظوا بديارهم و أموالهم لهم فقال الأنصار بل نقاسمهم الديار و الأموال و نؤثرهم بالغنائم، أي كذلك الغنائم تكون للمهاجرين. و عندما قدم المهاجرين للمدينة قسم الأنصار أموالهم بينهم و بين إخوانهم حتى إن الواحد منهم عرض على أخيه أحدى زوجتيه ليطلقها فيتزوجها المهاجري. و يحكى أن رجلا من الأنصار أهدي إليه رأس شاة و كان فقيرا فقال أخي أحوج مني إلى هذه، فأهداها لأخيه، فقال الثاني أخي أحوج إليها مني، فما زالت تتنقل بين سبع بيوت حتى عادت إلى الأول. و جاء ضيف لرسول الله فبحث له عن طعام في بيوته فلم يجد فبادر أحد الأنصار لاستضافته فعاد إلى زوجته فقالت ليس لدينا إلا طعام الصبية، فقال أشغلي الصبية ليناموا فصنعت الطعام فعمد إلى السراج فأطفأه حتى لا يرى ضيف رسول الله أنهم لا يأكلون معه، و ذلك رغبة منهم في أن يشبع ضيف رسول الله. و بعد فإنها قصص من الخيال الذي لا يمكن تصوره، و لا يمكن للقلم أن يسطر معانيه، قصص تروي أيام ذلك الجيل الفريد من نوعه، فهل من الممكن أن تكرر مثل هذه المشاهد؟ سؤال تجيب عنه القلوب قبل الألسن علها ترويه من عطش طويل لتلك النفوس الكريمة...